تاريخ شركة سوماكا (SOMACA) بالمغرب

🏗️ النشأة والبدايات (1959–1975)

تُعدّ شركة “سوماكا” (SOMACA – Société Marocaine de Construction Automobile) أول تجربة صناعية فعلية في مجال السيارات بالمغرب، وتمثل لبنة تأسيس قطاع تجميع السيارات في البلاد. أُسست سنة 1959 بمبادرة من الدولة المغربية بعد الاستقلال، كشراكة بين القطاع العام وعدد من المصنعين الأوروبيين.

شاركت الدولة المغربية بنسبة 38% من رأس المال، فيما توزعت الحصص الباقية بين شركاء تقنيين مثل شركة فيات الإيطالية وسيمكا الفرنسية. وقد بدأ المصنع، الواقع في عين السبع بالدار البيضاء، إنتاجه الفعلي سنة 1962، وركز في البداية على تجميع سيارات فيات وسيمكا.

في عام 1966، تم توقيع اتفاقية مع شركة Renault الفرنسية لتجميع طرازات خاصة بالسوق المغربية، أبرزها Renault 4 التي ستتحول لاحقًا إلى واحدة من أشهر السيارات في البلاد وتُنتج حتى سنة 1995.

مع حلول منتصف السبعينيات، بلغت سوماكا ذروتها الإنتاجية، حيث تجاوز عدد السيارات المجمعّة 40,000 وحدة سنويًا، مما جعلها لاعبًا أساسيًا في الاقتصاد المغربي آنذاك، ومصدرًا لتشغيل المئات من التقنيين والعمال المحليين.


🔄 التحولات والخصخصة (1975–2005)

رغم البداية القوية، بدأت سوماكا تعاني من تراجع ملحوظ في الإنتاج خلال الثمانينيات، بسبب عوامل متعددة أبرزها فتح السوق أمام السيارات المستعملة المستوردة، ما قلص الطلب على السيارات المجمعة محليًا. كما واجه المصنع صعوبات مالية وتقنية جعلته عاجزًا عن التوسع أو تحديث خطوط الإنتاج.

خلال التسعينيات، حاولت الشركة استعادة زخمها من خلال اتفاقيات جديدة مع فيات لإنتاج طرازات مثل Uno، Palio وSiena، إلا أن غياب رؤية استراتيجية واضحة والتباطؤ في وتيرة التحديث أضعفا قدرتها التنافسية.

في ظل هذه التحديات، بدأت الدولة المغربية في التفكير في خصخصة المصنع. في سنة 2003، استحوذت Renault على 38% من أسهم سوماكا، ورفعت حصتها تدريجيًا إلى 54% سنة 2005، لتأخذ بذلك زمام القيادة الصناعية داخل المصنع.


🚗 عهد رينو والتوسع (2005–2019)

مع انتقال القيادة إلى Renault، بدأت سوماكا مرحلة جديدة عنوانها التخصص، الجودة، والتصدير. أصبح المصنع مركزًا رئيسيًا لإنتاج طرازات Dacia، خاصة Logan وSandero، إلى جانب Renault Kangoo وRenault Express.

عرفت خطوط الإنتاج تطورًا نوعيًا، وتم تحديث المعدات وإعادة هيكلة إدارة الجودة. ركّزت رينو على جعل سوماكا مركزًا إقليميًا للتصدير، خصوصًا للأسواق الأوروبية والأفريقية.

بحلول سنة 2019، كانت رينو قد استحوذت على 100% من رأس مال الشركة، مما مكنها من إدماج سوماكا في استراتيجيتها العالمية الصناعية، إلى جانب مصنع طنجة.

📊 إحصائية: حوالي 78% من إنتاج سوماكا يُوجّه للتصدير نحو أكثر من 70 دولة.


⚙️ التحديث والتكنولوجيا (2020–2024)

منذ 2020، دخل المصنع مرحلة تحديث رقمي وصناعي متقدمة، حيث تم اعتماد تقنيات الصناعة 4.0، وتطوير منظومات تتبع الإنتاج، والرفع من مرونة خطوط التجميع.

في 2023، بدأ المصنع في تصنيع سيارات مثل Renault Kardian، مع رفع نسبة الإدماج المحلي من خلال الاعتماد على شبكة الموردين المحليين.

كما شهدت الموارد البشرية تطورًا مهمًا، حيث تم تكوين أكثر من 1500 عامل وتقني داخل منظومات تكوين عالية المستوى، بشراكة مع معاهد مغربية وأجنبية.

📢 شهادة: “لقد تحولت سوماكا من مجرد ورشة تجميع إلى مصنع متكامل يدمج أحدث تقنيات الصناعة الذكية” – مدير العمليات الصناعية بسوماكا.


📊 إحصائيات رئيسية (2024)

  • عدد الموظفين: 1,687 عاملًا وتقنيًا
  • المساحة الإجمالية: 31 هكتارًا، منها 9 هكتارات مغطاة
  • نسبة التصدير: حوالي 78% من الإنتاج مُوجّه للأسواق الدولية
  • الطاقة الإنتاجية السنوية: 160,000 سيارة
  • إنتاج 2024 حسب الطراز:

🗣️ شهادات من داخل المصنع

“العمل في سوماكا ليس مجرد وظيفة، بل هو فخر بالمساهمة في صناعة مغربية تُنافس عالميًا. نرى سياراتنا تُصدّر إلى أوروبا وأفريقيا، وهذا يُحفّزنا على تقديم الأفضل يوميًا.”
— مهندس جودة، قسم المراقبة النهائية

“منذ انضمامي إلى سوماكا، شهدت تطورًا كبيرًا في مهاراتي التقنية. التكوين المستمر والدعم من الإدارة جعلاني أشعر بأنني جزء من مشروع وطني كبير.”
— عاملة في خط التجميع

🏁 الخلاصة

تمثل سوماكا اليوم مرآة لتاريخ تطور الصناعة المغربية للسيارات. فمن مصنع وطني مشترك في الستينيات، إلى وحدة صناعية عالمية تحت لواء Renault، استطاعت سوماكا أن تواكب التحولات الاقتصادية والتكنولوجية على مدى أكثر من ستة عقود.

إن قصة سوماكا ليست فقط قصة مصنع، بل قصة دولة راهنت على الصناعة كخيار استراتيجي للتنمية، ونجحت تدريجيًا في فرض وجودها ضمن سلاسل القيمة العالمية.

أضف تعليق