AFRIQUIA GAZ
شركة “أفريقيا غاز” المغربية: النشأة والتوسع والطموحات
“أفريقيا غاز” هي إحدى أبرز شركات توزيع الطاقة في المغرب، متخصصة في توزيع الغاز النفطي المُسال (البوتان والبروبان) على نطاق وطني. سنستعرض في هذا المقال التحليلي الشامل مسيرة هذه الشركة منذ نشأتها وتأسيسها، مرورًا بتوسعها داخل المغرب، وصولاً إلى علاقتها بمجموعة “أكوا” ودور رجل الأعمال (ورئيس الحكومة الحالي) عزيز أخنوش في مسارها. كما سنتناول بنيتها التحتية وخدماتها اللوجستية، وانخراطها في مشاريع الطاقة البديلة، فضلًا عن طموحاتها للتوسع إقليميًا في أفريقيا. سنحرص على تقديم رؤية نقدية متوازنة حول نجاحات الشركة والتحديات التي واجهتها وتواجهها.
النشأة والتأسيس
تأسست علامة “أفريقيا” للمحروقات عام 1959 على يد كل من أحمد أولحاج أخنوش وصهره أحمد واكريم. جاءت ولادة هذه الشركة في سياق ما بعد استقلال المغرب، حيث كان قطاع توزيع الوقود آنذاك واقعًا تحت هيمنة الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات. بدأ أحمد أولحاج أخنوش (والد عزيز أخنوش) مشواره في هذا المجال منذ عام 1932 عبر متجر متواضع في الدار البيضاء يبيع الكاز (الكيروسين) باللتر للمستهلكين، مشتراه من الشركات الأجنبية. لم تكن البدايات سهلة في ظل منافسة شرسة من الشركات الكبرى، لكن المؤسسين المغاربة واصلوا العمل بإصرار لبناء شبكتهم الخاصة وتعزيز حضورهم تدريجيًا.
في عام 1962، اقتنت “أفريقيا” ثاني أكبر مستودع تخزين في البلاد بسعة 286,000 متر مكعب، مما عزز قدراتها اللوجستية. وبحلول أواسط الستينات دخلت الشركة ميدان توزيع الغاز المنزلي المعبأ في قوارير. شهد عام 1968 افتتاح أول مركز تعبئة لعلامة “أفريقيا غاز” في مدينة مراكش، لتطرح الشركة قنينات الغاز الحمراء الشهيرة حاملة شعار “أفريقيا”. أضافت الشركة أيضًا قطاع الزيوت سنة 1972 عبر شراكة طويلة المدى مع شركة Elf الفرنسية.
التوسع في المغرب
تحولت “أفريقيا غاز” من فاعل محلي إلى شبكة توزيع وطنية رائدة. فبعد إنشاء مركز التعبئة الأول في مراكش عام 1968، واصلت الشركة افتتاح مراكز جديدة في مدن إستراتيجية، كما دخلت في شراكات واستحواذات، أبرزها اندماجها سنة 2005 مع شركة “تيصير غاز”، واستحواذها في 2009 على الشركة الوطنية للغاز، ثم شراء شركة “بوتافريك” سنة 2010. نتيجة لهذه التوسعات، أصبحت “أفريقيا غاز” تغطي جميع أنحاء البلاد.
بحلول 2007، وصلت شبكة محطات الوقود التابعة لعلامة “أفريقيا” إلى 400 محطة بحصة سوقية تقارب 33%. وعلى صعيد الغاز المنزلي، تستحوذ الشركة على الحصة الكبرى في سوق قوارير البوتان. وقد ساعد الانتشار الجغرافي الواسع على تحقيق أمن التزويد، حيث نادرًا ما تجد منطقة في المغرب لا تصلها خدمات “أفريقيا”.
العلاقة مع مجموعة “أكوا” ودور عزيز أخنوش
شهدت التسعينات تحولًا جذريًا في ملكية الشركة عبر تشكيل مجموعة “أكوا” القابضة، نسبة إلى اسمي عائلتي أخنوش وواكريم. في 1994 تم تحويل “أفريقيا غاز” إلى شركة مساهمة عامة، وأدرجت في البورصة سنة 1999. أعيدت هيكلة الشركة الأم لاحقًا تحت اسم “أكوا جروب”، لتضم كافة فروع الأعمال العائلية.
تشكل “أفريقيا غاز” إحدى الركائز الأساسية لأعمال مجموعة “أكوا”، التي تمتلك حوالي 30% من رأسمالها. عزيز أخنوش، نجل المؤسس، تولى قيادة التوسع منذ التسعينات، وهو أيضًا رئيس الحكومة المغربية منذ 2021. قدرت حصته غير المباشرة في الشركة بنحو 4.74 مليار درهم أواخر 2022.
واجهت المجموعة انتقادات، أبرزها حملة مقاطعة سنة 2018 ضد شركات المحروقات، بتهم الاحتكار ورفع الأسعار. ومع ذلك، أكدت مجموعة أكوا التزامها بقواعد المنافسة، وأوضحت أن عزيز أخنوش نأى بنفسه عن التسيير اليومي منذ دخوله المعترك السياسي.
البنية التحتية والخدمات اللوجستية
اعتمدت “أفريقيا غاز” على بنية تحتية متكاملة تشمل الاستيراد، التخزين، التعبئة، والتوزيع. تمتلك الشركة أكبر قدرة تخزين للغاز النفطي المسال في المغرب، ومنشآت تخزين في طنجة المتوسط والجرف الأصفر. ترتبط بعض هذه المواقع بأنابيب مباشرة إلى الموانئ.
كما تستثمر الشركة في مرافق تخزين وطنية أخرى، ولديها مراكز تعبئة إقليمية موزعة على مدن عدة. على سبيل المثال، مركز التعبئة في مراكش ينتج 140 ألف طن سنويًا. كما تمتلك حصصًا في شركة “سلام غاز” التي تدير 12 مركز تعبئة.
على مستوى النقل، تعتمد “أفريقيا غاز” على أسطول من مئات الشاحنات والصهاريج لتغطية كافة مناطق المغرب، بما فيها المناطق النائية. هذه الشبكة اللوجستية تشكل أساس نجاح الشركة في الحفاظ على استقرار الإمدادات.
مشاريع الطاقة البديلة والتنمية المستدامة
رغم تركيزها التاريخي على الوقود الأحفوري، بدأت الشركة الانخراط في مشاريع مستدامة. شاركت في مشروع تحلية مياه البحر بالطاقة النظيفة قرب الدار البيضاء ضمن تحالف مع شركة “Green of Africa”. كما وقعت اتفاقية مع شركة Sound Energy لإنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل تندرارة.
هذه المبادرات تعكس استعداد “أفريقيا غاز” للانخراط في التحول الطاقي، وإن كانت مساهماتها في الطاقة المتجددة لا تزال محدودة مقارنة بشركات أخرى. مستقبلاً، قد تحتاج الشركة إلى تعزيز استثماراتها في البيوغاز أو الهيدروجين الأخضر لتواكب التغيرات الطاقية بالمغرب.
الطموحات الإقليمية والتوسع في أفريقيا
اتجهت “أفريقيا غاز” مؤخرًا إلى التوسع خارج المغرب، وبدأت أولى خطواتها في موريتانيا عبر الاستحواذ على فرع شركة “توتال” هناك. تشمل الصفقة نحو 40 محطة وقود، وقُدرت قيمتها بحوالي 185 مليون دولار.
أُنشئت شركة “أكوا أفريقيا” خصيصًا لدعم التوسع الإقليمي، ويُتوقع أن تتجه الشركة لاحقًا إلى أسواق أخرى مثل السنغال وساحل العاج. التوسع يتطلب فهمًا دقيقًا لبيئات الأعمال المحلية، لكن خبرة “أفريقيا غاز” في اللوجستيات تمنحها أفضلية نسبية.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
س: من هم مؤسسو شركة “أفريقيا غاز” ومتى تأسست؟
ج: تأسست عام 1959 على يد أحمد أولحاج أخنوش وأحمد واكريم، وانبثقت عن شركة “أفريقيا” للمحروقات.
س: ما العلاقة بين “أفريقيا غاز” ومجموعة “أكوا” المالكة لها؟
ج: “أفريقيا غاز” تابعة لمجموعة “أكوا” التي يترأسها عزيز أخنوش، وتملك حوالي 30% من رأسمالها.
س: ما حجم حصة “أفريقيا غاز” في السوق المغربية؟
ج: الشركة من أكبر موزعي الغاز في المغرب، وتغطي شبكة محطاتها ومراكز تعبئتها مختلف جهات البلاد.
س: هل استثمرت “أفريقيا غاز” في مشاريع الطاقة المتجددة؟
ج: مساهمتها المباشرة محدودة، لكنها شاركت عبر مجموعة “أكوا” في مشاريع مثل تحلية المياه وإنتاج الغاز الطبيعي المحلي.
س: ما هي طموحات “أفريقيا غاز” الإقليمية؟
ج: بدأت التوسع في أفريقيا من موريتانيا، ومن المرجح أن تستهدف أسواقًا جديدة بغرب وشمال أفريقيا مستقبلًا.
س: ما أبرز التحديات التي تواجه “أفريقيا غاز”؟
ج: من أبرزها الانتقادات الشعبية حول الأسعار، احتمالية إصلاح نظام الدعم، والتحول نحو الطاقة المتجددة الذي يتطلب إعادة تموقع إستراتيجي.