رغم أن معتقل تازمامارت ظل لسنوات يُرمز إليه كمقبرة للأحياء من الضباط والجنود بعد محاولات انقلاب 1971 و1972، فإن هناك زاوية لا تزال غائبة عن الكثير من الروايات: معاناة النساء المرتبطة به. لا يتعلق الأمر فقط بمعتقلات نساء محتجزات – وإن وُجدت بعض الحالات النادرة – بل أيضًا بزوجات، أمهات، أخوات، وبنات سُجن أقرباؤهن، وعشن عقودًا من الألم، الانتظار، التعتيم، والمحو. كانت النساء «خارج المعتقل» يعشن معتقلاً من نوع آخر: صامت، مجهول، لا يعترف به أحد، لكنه يُفتّت الحياة من الداخل.
👩👦👦 زوجات المعتقلين: أمومة على الهامش
في غياب أي معلومات رسمية، كانت الزوجات يترقبن لسنوات خبرًا عن أزواجهن. لم يتسلمن شهادات وفاة، ولا رسائل، ولا إشارات. ظلّت الدولة تنفي وجود المعتقل، بينما كانت الحياة تتفتت أمام النساء في صمت خانق.
- بعض الزوجات طُلّقن “بقرار إداري غير معلن” تحت الضغط أو بتواطؤ من الأسرة.
- أخريات واصلن الحياة وحدهن، كأنهن أرامل دون قبر.
- وُلد أطفال في غياب آبائهم، ونشأوا في ظل صمت الأسرة والمجتمع.
- كثيرات أُجبرن على التخلي عن التعليم أو العمل بسبب وصمة “زوجة المنقلب”.
🗣️ شهادة فريدة الإدريسي، أرملة ضابط معتقل:
“كنت أطرق أبواب الوزارات كل أسبوع، وأعود بعبارة واحدة: لا نعرف عنه شيئًا. كيف لدولة لا تعرف مكان أحد ضباطها؟!”
👵 الأمهات: بكاء لا يصل إلى الجدران
أمهات تازمامارت حملن معاناة مزدوجة: الخوف على الابن، والخذلان من الدولة. لسنوات، كنّ يزرن وزارات، يتوسلن لقاءات، يكتبن رسائل لا تُقرأ، ويتنقلن بين المدن بحثًا عن معلومة، وجه، أو حتى قبر.
- بعض الأمهات توفين دون أن يعرفن مصير أبنائهن.
- كثيرات واصلن رفع الشكاوى حتى وهنّ في أرذل العمر.
- حُمّلت بعض الأمهات ذنبًا مجتمعياً كما لو كنّ “أمهات خونة”.
🗣️ شهادة أمينة التازي، والدة معتقل:
“كان ابني ضابطًا شريفًا. اختفى في يوم واحد، ولم يبقَ منه سوى صورة بالأبيض والأسود. كنت أراه في المنام أكثر مما أراه في الحقيقة.”
👧 البنات: هوية مشروخة
كبرت فتيات كثيرات لا يعرفن وجوه آبائهن. المجتمع وسمهن أحيانًا بأنهن “بنات الخونة”، رغم أن آباءهن لم يُدانوا في محاكمة. عانين في المدارس، في الزواج، في الإدماج المهني.
- بعضهن لم يعرفن هوية الأب إلا بعد التسعينيات.
- البعض الآخر رافق الأم في طرقات الرباط، بحثًا عن بصيص خبر.
- نُظر إليهن على أنهن “نقطة ضعف” في أسر سياسية حساسة.
🗣️ شهادة خديجة، ابنة معتقل:
“كنت أكتب اسم أبي في أوراق المدرسة، فيُطلب مني شطبه. كبرت وأنا أخاف اسمي، أخاف من الحديث، أخاف من الماضي.”
📖 الذاكرة غير المكتوبة: صمت محفور في الحلق
لم تُكتب روايات نسائية عن تازمامارت، ولا توجد مذكرات نسوية توثق لهذه المعاناة الجماعية. ظلت شهادة الرجل هي المهيمنة، وظلت النساء في الظل، رغم أنهن كنّ حاضرات في المعاناة كل يوم.
- لماذا لم يُوثّق هذا الألم؟
- هل كان النسيان جزءًا من المقاومة؟ أم من الصدمة؟
- أين دور الباحثين، النسويات، والمؤرخين؟
📝 عدد من الجمعيات الحقوقية بدأت منذ 2010 توثيق شهادات نساء المعتقلين، لكن المبادرة لا تزال خجولة، محدودة، وغير مُمأسسة.
🏛️ هيئة الإنصاف والمصالحة: اعتراف غير كافٍ
رغم كشف الهيئة عن أسماء الناجين، وتعويض العائلات، فإن القصص الإنسانية لم تُستكمل:
- لم يُسلّط الضوء على النساء اللواتي ضاعت أعمارهن خارج الأسوار.
- لم تُخصص جلسات استماع علنية للزوجات والبنات.
- لم يُحوّل تازمامارت إلى متحف للذاكرة.
- لم تُنتج أعمال أدبية أو سينمائية تليق بحجم الصدمة النسائية.
📌 بقيت النساء خارج النص، رغم أنهن كُنّ داخله بكل ما يملكن من وجع وانتظار.
🎭 من السينما إلى الأدب: غياب واضح
- لا فيلم مغربي حتى اليوم روى قصة امرأة من تازمامارت.
- لا مسلسل تلفزيوني قدّم شهادة زوجة معتقل.
- الروايات المنشورة كلها بلسان الذكور، رغم حضور الإناث في خلفية المشهد.
🔍 هل نحتاج إلى أدب جديد؟ سينما شجاعة؟ رواة من الجيل الجديد يبحثون في أرشيف النساء؟
✅ خاتمة: نساء تازمامارت… الشاهدات الغائبات
النساء المرتبطات بتازمامارت لم يكنّ داخل الزنازين، لكنهن كنّ في السجن الأكبر: الانتظار، الصمت، والمجتمع. لقد دفعن ثمنًا مزدوجًا: الفقد، والخذلان. إن إعادة الاعتبار لهنّ ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو جزء أساسي من مصالحة حقيقية مع الذاكرة.
لكل امرأة انتظرت دون أن تُسمع، لكل أم ماتت دون أن ترى، لكل ابنة كبرت دون أب… هذه الذاكرة لكُن.
🔑 الكلمات المقترحة: تازمامارت، نساء تازمامارت، زوجات المعتقلين السياسيين، أمهات المعتقلين، سنوات الرصاص، الإنصاف والمصالحة، شهادات نسائية، الاعتقال السياسي، العدالة الانتقالية، الأدب النسوي المغربي، فاطمة الإفريقي، خديجة بن جلون، صمت النساء، ذاكرة الظل