رحلة عبد الكريم الخطابي: من مقاوم إلى لاجئ إلى رمز عالمي

✍️ إعداد: histoiredumaroc.com – من المغرب، لكل المغاربة

⚔️ البداية في الريف المغربي: جذور المقاومة

في قرية أجدير الواقعة بين جبال الريف شمال المغرب، وُلد سنة 1882 واحد من أعظم رموز المقاومة الوطنية: محمد بن عبد الكريم الخطابي. تلقّى تعليمه الأولي في فاس، ثم درس القانون والعلوم الإسلامية في جامعة القرويين، قبل أن يعمل صحافيًا ومترجمًا، ثم قاضيًا في مدينة مليلية تحت الإدارة الإسبانية.

غير أن احتكاكه المباشر بالإدارة الاستعمارية الإسبانية كشف له وجهها الحقيقي: الاستغلال، الإقصاء، وتهميش الشعب الريفي. وهنا بدأ التحول: من رجل قانون إلى قائد مقاوم.


⚔️ أنوال 1921: معركة غيرت مجرى التاريخ

تُعد معركة أنوال من أبرز اللحظات الفاصلة في التاريخ المغربي الحديث. ففي صيف 1921، قاد الخطابي قوات قبلية بسيطة في مواجهة جيش إسباني مكوّن من عشرات الآلاف بقيادة الجنرال سيلفستر.

🔴 النتيجة؟

  • مقتل 13 ألف جندي إسباني.
  • انهيار الثقة داخل القيادة الاستعمارية.
  • اعتراف دولي بقدرة المقاومة المغربية على قلب المعادلات العسكرية.

📚 المصدر: الأرشيف العسكري الإسباني – تقرير معركة أنوال، يوليو 1921.


🏛️ تأسيس “جمهورية الريف”: أول تجربة حكم ذاتي

بعد الانتصار المذهل، أسّس عبد الكريم الخطابي جمهورية الريف سنة 1921.
وكانت هذه أول تجربة لدولة مغربية مستقلة عن الحكم العلوي والاستعمار الأوروبي، قامت على:

  • مؤسسات تشريعية محلية.
  • نظام ضريبي وإداري.
  • محكمة عُرفية وطنية.
  • عمل دبلوماسي خارجي لطلب الاعتراف بالجمهورية.

📘 المصدر: كتاب “الريف والاستعمار” للمؤرخ المغربي عبد الله العروي.

لكن هذا الحلم لم يعش طويلاً، حيث شكّل التحالف بين فرنسا وإسبانيا جبهة ضخمة استخدمت لأول مرة الأسلحة الكيماوية (الغازات السامة) ضد المدنيين المغاربة، خصوصًا في مناطق الحسيمة والناظور.

🧪 المصدر: تقرير البرلمان الهولندي حول استخدام الغازات السامة في الريف، 2007.


⚖️ الاستسلام المشروط والمنفى في جزيرة نائية

في مايو 1926، وبعد حصار خانق استمر لشهور، سلّم الخطابي نفسه إلى الفرنسيين مقابل وقف الهجمات على المدنيين. نُفي إلى جزيرة لارينيون (قرب مدغشقر) حيث عاش أكثر من 20 عامًا في عزلة تامة.

ورغم العزلة، ظلّت صوره تنشر سرًّا في المغرب، وتُروى بطولاته في المجالس الشعبية، وكأن المغاربة يحتضنونه رمزًا لصمودهم وكرامتهم.


✈️ منفى آخر… القاهرة والعودة إلى النضال

في عام 1947، قررت السلطات الفرنسية نقله إلى فرنسا، لكن عبد الكريم، فور توقّف الباخرة في قناة السويس، نزل وطلب اللجوء السياسي في مصر، واستقبله الملك فاروق الأول بحفاوة كبيرة.

أسّس في القاهرة لجنة تحرير المغرب العربي، والتي ضمّت قيادات من تونس والجزائر وليبيا والمغرب، ودعمت فصائل المقاومة المسلحة في شمال إفريقيا.

  • خطب في المؤتمرات العربية.
  • دعم ثورة الجزائر بالسلاح والمال.
  • نسّق مع الزعيم الحبيب بورقيبة، والزعيم علال الفاسي.
  • رفض العودة إلى المغرب بعد الاستقلال، معتبرًا أن الاستقلال غير كامل طالما أن القواعد العسكرية الفرنسية لم تُغلق.

📎 المصدر: أرشيف جريدة الأهرام، عدد 15 ماي 1956.


🌍 الخطابي رمز عالمي: من هوشي منه إلى غيفارا

❝ كان عبد الكريم الخطابي من أوائل من طبقوا حرب العصابات بنجاح في القرن العشرين، وقد تعلّمت منه شخصيًا ❞
هوشي منه، زعيم الثورة الفيتنامية.

كما صرّح تشي غيفارا أثناء تدريبه في القاهرة سنة 1959 أنه قرأ عن الخطابي، وتأثّر بتكتيكاته الحربية وتنظيمه الشعبي.


⚰️ وفاة الزعيم في المنفى ورفض نقل جثمانه

توفي عبد الكريم الخطابي في 6 فبراير 1963 في القاهرة، عن عمر يناهز 81 عامًا.
رفضت عائلته طلبًا مغربيًا رسميًا بنقل جثمانه، تنفيذًا لوصيته بأن لا يُدفن في أرض ما زالت مستعمرة، في إشارة إلى استمرار الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية.

🕊️ المصدر: شهادة ابنته “أمينة الخطابي” ضمن فيلم وثائقي – قناة الجزيرة الوثائقية، 2013.


🧠 دروس مستخلصة لجيل اليوم

  • مقاومة الاحتلال لا تحتاج جيوشًا جرّارة، بل إرادة.
  • النضال الوطني لا يكتمل دون وعي شعبي وتنظيم سياسي.
  • التاريخ ليس مجرد ماضٍ، بل أداة بناء الوعي الوطني.

عبد الكريم الخطابي
تاريخ الريف المغربي
معركة أنوال
جمهورية الريف
الاستعمار الفرنسي والإسباني في المغرب
المنفى السياسي
أبطال الاستقلال المغربي
الغازات السامة في الريف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top